جريمة مزرعة الأطفال
انجلترا في العصر الفيكتوري أي في القرن 19، كان المجتمع فيها مجتمعاً محافظاً، وكانت من الدول النشطة اقتصادياً، وكانت القصور الكبيرة منتشرة فيها حيث الأسياد والخدم فكان بعض الأسياد تمتد أبصارهم القذرة على الخادمات الانجليزيات الصغيرات، ففي الليالي المظلمة كان البعض يزيل قناع الشرف ويظهر بوجه وحش ليعتدي على إحدى تلك الصغيرات فمنهن من كنَّ مغصوبات على الرذيلة خوفا من وحشية السيد، ومنهنَّ من كنَّا يبعن شرفهن بكل سهولة، اما الجانب الآخر في بريطانيا حيث كانت أصوات التصفيق والتصفير والكؤوس الممتلئة بالنبيذ تُسْمَع من فتحات أبواب الحانات المنتشرة على أطراف المدن حيث نساء الليل قد تعودن على التمَيُع للرجال الذين تمتلء جيوبهم من المال وكما كانت هناك أيضاً أُسر متعففة وخاصة في القرى حيث الزوجان الفقيران ينظران إلى أطفالهم الصغار وتمتلء عيناهم من الدموع عند التفكير عن كيفية قضاء حاجات هؤلاء الصغار من مأكل ومشرب، كل هذه الجوانب نتج عنها أطفال يتم إيداعهم إلى مزرعة الاطفال أو بيوت الخير والكنائس لرعاية الأطفال، فينتهي المطاف بالأطفال بأن يتم إيداعهم في هذه الاماكن دون ان يلتفتوا إليهم لسنوات وسنوات طويلة ومن هنا تبدأ قصتنا ..
وبما ان المجتمع في الزمن الفيكتوري كان محافظاً ومتمسكاً ظاهرياً بالقيم فلا مكان لأطفال مجهولي الاب ومن هنا ظهرت تجارة جديدة وهي تجارة إنسانية في ظاهرها ولكنها عند البعض كانت مصيدة، ففي هذا العصر ظهرت إمرأة تدعى ايميليا داير ولدت عام 1838م في بلدة صغيرة بالقرب من مدينة بريستول الانجليزية، كانت الأصغر من بين خمسة أشقاء، وعلى العكس من معظم المجرمات والقاتلات المحترفات، فان ايميليا لم تعاني من الفقر والتفكك الأسري في طفولتها، بل ولدت في عائلة ميسورة الحال حيث كان والدها يمتلك مصنعا للأحذية وقد حضت بتعليم جيد في صغرها وعرف عنها ولعها بالأدب والشعر، بعد وفاة والديها غادرت منزل العائلة أثر خلاف نشب بينها وبين أشقاءها حول الميراث، وسرعان ما تزوجت برجل يكبرها بثلاثين عاما، ثم بدأت العمل في مجال التمريض وهي مهنة كانت تحظى بالاحترام في ذلك الزمان لكنها لم تكن تدر الكثير من المال، تعرفت ايميليا على امرأة تملك مزرعة الاطفال وهي عبارة عن مأوى لنساء حوامل يحملن في أحشائهن أطفالا غير شريعيين في ظل مجتمع رافض لفكرة تبني هؤلاء فبعد الولادة تدفع النساء للسيدة مبلغ من المال للاعتناء بالطفل وتخرج من المزرعه بلا عودة ولاحظت ايميليا بأن هذه المرأة حصدت ثروة من هذه التجارة، وهنا وسوس الشيطان وهمس لها لما لا تجني انتي أيضاً ثروة من هذه المهنة ..
وفي يوم من الأيام صارحت المرأة ايميليا وقالت لها: سأهرب إلى أمريكا لأن الشرطة بدأت تتجسس علي بسبب شكهم حول الجرائم الذي ذاع صيتها في لندن بحق الاطفال الرضع فعلمت هذه السيدة ايميليا كيف كانت تتخلص من الاطفال ولم يمض وقت طويل حتى تفوقت ايميليا على معلمتها في دناءة النفس وخبث المسلك، فافتتحت مزرعة أطفال خاصة بها في منزلها، ولم تأل جهداً أو وسيلة للتخلص السريع من الأطفال تحت رعايتها، فكانوا يتساقطون واحداً بعد الآخر، نقطة الضعف الوحيدة في نشاط ايميليا الإجرامي انحصرت في حاجتها إلى شهادة وفاة قانونية للطفل الميت حتى تستطيع دفنه من دون جلب الشبهات لعملها المربح، ولهذا الغرض كان عليها عرض جثة الطفل على طبيب متمرس ليؤكد بأن الوفاة حدثت لأسباب طبيعية، وطبعا أغلب أطباء ذلك الزمان ما كانوا يكلفون أنفسهم عناء التحري عن سبب الوفاة الحقيقي، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بطفل غير شرعي نبذه أهله فكانوا يعزون الوفاة ببساطة للمرض وسوء التغذية نتيجة فقدان حليب الأم، فكانت ايميليا تترك الرضع بلا حليب وتجوعهم حتى تتحول أجسامهم إلى جلد وعظم فيموتون، وهنا ارتاب احد الأطباء وقدم شكوى ضدها نظراً لكثرة موت الاطفال بسبب سوء التغذية فصدر الحكم ضدها بالسجن لمدة 6أشهر بتهمة الإهمال، هذه القضية تركت أثراً في نفس ايميليا وهنا كشرت عن انيابها بعد خروجها من السجن ..
وبما ان المجتمع في الزمن الفيكتوري كان محافظاً ومتمسكاً ظاهرياً بالقيم فلا مكان لأطفال مجهولي الاب ومن هنا ظهرت تجارة جديدة وهي تجارة إنسانية في ظاهرها ولكنها عند البعض كانت مصيدة، ففي هذا العصر ظهرت إمرأة تدعى ايميليا داير ولدت عام 1838م في بلدة صغيرة بالقرب من مدينة بريستول الانجليزية، كانت الأصغر من بين خمسة أشقاء، وعلى العكس من معظم المجرمات والقاتلات المحترفات، فان ايميليا لم تعاني من الفقر والتفكك الأسري في طفولتها، بل ولدت في عائلة ميسورة الحال حيث كان والدها يمتلك مصنعا للأحذية وقد حضت بتعليم جيد في صغرها وعرف عنها ولعها بالأدب والشعر، بعد وفاة والديها غادرت منزل العائلة أثر خلاف نشب بينها وبين أشقاءها حول الميراث، وسرعان ما تزوجت برجل يكبرها بثلاثين عاما، ثم بدأت العمل في مجال التمريض وهي مهنة كانت تحظى بالاحترام في ذلك الزمان لكنها لم تكن تدر الكثير من المال، تعرفت ايميليا على امرأة تملك مزرعة الاطفال وهي عبارة عن مأوى لنساء حوامل يحملن في أحشائهن أطفالا غير شريعيين في ظل مجتمع رافض لفكرة تبني هؤلاء فبعد الولادة تدفع النساء للسيدة مبلغ من المال للاعتناء بالطفل وتخرج من المزرعه بلا عودة ولاحظت ايميليا بأن هذه المرأة حصدت ثروة من هذه التجارة، وهنا وسوس الشيطان وهمس لها لما لا تجني انتي أيضاً ثروة من هذه المهنة ..
وفي يوم من الأيام صارحت المرأة ايميليا وقالت لها: سأهرب إلى أمريكا لأن الشرطة بدأت تتجسس علي بسبب شكهم حول الجرائم الذي ذاع صيتها في لندن بحق الاطفال الرضع فعلمت هذه السيدة ايميليا كيف كانت تتخلص من الاطفال ولم يمض وقت طويل حتى تفوقت ايميليا على معلمتها في دناءة النفس وخبث المسلك، فافتتحت مزرعة أطفال خاصة بها في منزلها، ولم تأل جهداً أو وسيلة للتخلص السريع من الأطفال تحت رعايتها، فكانوا يتساقطون واحداً بعد الآخر، نقطة الضعف الوحيدة في نشاط ايميليا الإجرامي انحصرت في حاجتها إلى شهادة وفاة قانونية للطفل الميت حتى تستطيع دفنه من دون جلب الشبهات لعملها المربح، ولهذا الغرض كان عليها عرض جثة الطفل على طبيب متمرس ليؤكد بأن الوفاة حدثت لأسباب طبيعية، وطبعا أغلب أطباء ذلك الزمان ما كانوا يكلفون أنفسهم عناء التحري عن سبب الوفاة الحقيقي، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بطفل غير شرعي نبذه أهله فكانوا يعزون الوفاة ببساطة للمرض وسوء التغذية نتيجة فقدان حليب الأم، فكانت ايميليا تترك الرضع بلا حليب وتجوعهم حتى تتحول أجسامهم إلى جلد وعظم فيموتون، وهنا ارتاب احد الأطباء وقدم شكوى ضدها نظراً لكثرة موت الاطفال بسبب سوء التغذية فصدر الحكم ضدها بالسجن لمدة 6أشهر بتهمة الإهمال، هذه القضية تركت أثراً في نفس ايميليا وهنا كشرت عن انيابها بعد خروجها من السجن ..
بعد السجن دخلت ايميليا في مستشفى للأمراض العقلية وهناك كانت تجمع أفكارها كيف تستمر في تجارتها دون اللجوء الى الأطباء وكيف تتخلص من مشكلة رجوع بعض الامهات لزيارة اطفالهن، وبعد خروجها غيَّرت سياستها فأخذت تغير مسكنها بين فترة وأخرى وتسمي نفسها بأسماء مستعارة، وأخذت تتخلص من الاطفال برميهم في النهر وتجمع أغراض الطفل الميت وتبيعها في السوق، وفي مرة من المرات لاحظ ربان أحد قوارب الشحن حقيبة قديمة تطفو على نهر التايمز وداخلهاكانت هناك رزمة ورقية تحتوي على جثة متحللة لطفلة رضيعة، الربان أخبر الشرطة حول الحقيبة، وبدأت في الحال تحقيقات مكثفة للوصول إلى رأس خيط يمكن أن يقود إلى كشف لغز الرضيعة الميتة وبتفحص الأدلة لاحظ المحققون وجود كتابة دقيقة جداً على حاشية الرزمة الورقية التي كانت داخل الحقيبة، وباستخدام العدسات المكبرة أستطاع المحققون قراءة تلك الكتابة التي تضمنت أسم امرأة تدعى "السيدة سميث" إلى جانب عنوان منزل في ريدنج، وقد قادهم ذلك العنوان إلى منزل ايميليا داير مباشرة، لكن الشرطة لم تطرق الباب على الفور وإنما راحت تراقب المنزل لعدة أيام، فالمحققون كانوا يرتابون في طبيعة عمل ايميليا منذ فترة طويلة، لكنهم لم يكونوا يملكون دليلاً قوياً يقودهم إلى إدانتها في حال إلقاء القبض عليها، لذا قرروا نصب كمين محكم لها، فأرسلوا لها خطاب مزيف من امرأة وهمية تزعم بأنها أم عازبة تبحث عمن يتبنى ابنتها الرضيعة مقابل مبلغ مجزي من المال، وبالطبع ما كانت ايميليا لتفوت صيداً مغرياً كهذا، لذا سارعت إلى الرد برسالة تعرض خدماتها على تلك الأم الوهمية، وقد ذيلت تلك الرسالة بأسم السيدة سميث، وكان ذلك كافياً لإثبات الجرم عليها في قضية الطفلة الرضيعة التي عثر عليها في مياه التايمز، الشرطة قامت بمداهمة منزل ايميليا داير، في الداخل كانت هناك رائحة تحلل بشرية تزكم الأنوف، لكنهم لم يعثروا على أية جثة، وبدلاً عن ذلك عثروا على الكثير من الأدلة التي تدين ايميليا، كالخطابات التي تبادلتها مع الأمهات المخدوعات، وملابس الأطفال المغدورين والأشرطة اللاصقة التي استعملت في قتلهم، والإعلانات التي كانت تعمد إلى نشرها في الجرائد من حين لآخر للإيقاع بضحاياها، إضافة إلى وصولات استلام الأطفال، الشرطة فتشت أيضا مياه نهر التايمز في محيط البقعة التي عثرت فيها على جثمان الطفلة الرضيعة، وسرعان ما انتشل الغواصون 6جثث أخرى لأطفال وجميعهم كانوا مقتولين بنفس الطريقة، أي بالشريط اللاصق حول أعناقهم وهي الطريقة التي أصبحت علامة فارقة ومميزة لجرائم ايميليا حتى أنها أخبرت الشرطة لاحقاً في اعترافاتها بأن "الشريط اللاصق هو العلامة التي يمكنك من خلالها معرفة فيما أذا كانت الجثة تعود لي أم لا" !
ومن خلال الرسائل التي عثر عليها في منزلها، توصل المحققون إلى قيام ايميليا بقتل ما لا يقل عن 20 طفل خلال الأسابيع القليلة التي سبقت إلقاء القبض عليها، وبعملية حسابية بسيطة توصلوا إلى أن مجموع ضحاياها خلال السنوات الطويلة التي أمضتها في ممارسة مهنة التمريض والاعتناء بالأطفال في منزلها لا يقل عن 400 طفل، وهو رقم قياسي لا ينافسها عليه أي من القتلة والسفاحين في تاريخ أوربا الحديث، ايميليا اعترفت بجرائمها بالتفصيل لكنها أنكرت أن تكون ابنتها بولي شريكة معها في تنفيذ تلك الجرائم وشعرت براحة كبيرة حين علمت بإسقاط التهم عن أبنتها وزوجها لاحقاً وإطلاق سراحهما بالرغم من أن بولي شهدت ضدها خلال محاكمتها، وخلال المحاكمة حاولت ايميليا الدفاع عن نفسها بإدعاء الجنون فهي فعلاً دخلت مصحة الأمراض العقلية مرتين في السابق لكن المحكمة رفضت ذلك الادعاء واعتبرت دخولها المصحة مجرد طريقة لجئت إليها للفرار حين كان أمرها يوشك على الافتضاح بسبب عودة بعض الأمهات ومطالبتهن بأطفالهن، المحلفون لم يستغرقوا سوى 4دقائق ونصف لإدانة ايميليا داير بالتهم الموجهة إليها، وفي 10 يونيو 1896م اقتيدت ايميليا إلى المشنقة فتقدم إليها الجلاد وطوق عنقها بالحبل بعدما كان تطويق الرقاب عملها الذي أتقنته لسنوات طويلة، وساد صمت رهيب لم يقطعه سوى صوت سقوطها المدوي عن المنصة، هوت بالحبل ثم تخبطت واختنقت لعدة دقائق لم تتمكن حتى من الصراخ، واحتست أخيراً من نفس الكأس المُرة التي سقتها لمئات الأطفال الأبرياء وتجرعت مثلهم طعم الموت البطيء والصامت قبل أن تغادر روحها البليدة إلى الجحيم مباشرة .
ومن خلال الرسائل التي عثر عليها في منزلها، توصل المحققون إلى قيام ايميليا بقتل ما لا يقل عن 20 طفل خلال الأسابيع القليلة التي سبقت إلقاء القبض عليها، وبعملية حسابية بسيطة توصلوا إلى أن مجموع ضحاياها خلال السنوات الطويلة التي أمضتها في ممارسة مهنة التمريض والاعتناء بالأطفال في منزلها لا يقل عن 400 طفل، وهو رقم قياسي لا ينافسها عليه أي من القتلة والسفاحين في تاريخ أوربا الحديث، ايميليا اعترفت بجرائمها بالتفصيل لكنها أنكرت أن تكون ابنتها بولي شريكة معها في تنفيذ تلك الجرائم وشعرت براحة كبيرة حين علمت بإسقاط التهم عن أبنتها وزوجها لاحقاً وإطلاق سراحهما بالرغم من أن بولي شهدت ضدها خلال محاكمتها، وخلال المحاكمة حاولت ايميليا الدفاع عن نفسها بإدعاء الجنون فهي فعلاً دخلت مصحة الأمراض العقلية مرتين في السابق لكن المحكمة رفضت ذلك الادعاء واعتبرت دخولها المصحة مجرد طريقة لجئت إليها للفرار حين كان أمرها يوشك على الافتضاح بسبب عودة بعض الأمهات ومطالبتهن بأطفالهن، المحلفون لم يستغرقوا سوى 4دقائق ونصف لإدانة ايميليا داير بالتهم الموجهة إليها، وفي 10 يونيو 1896م اقتيدت ايميليا إلى المشنقة فتقدم إليها الجلاد وطوق عنقها بالحبل بعدما كان تطويق الرقاب عملها الذي أتقنته لسنوات طويلة، وساد صمت رهيب لم يقطعه سوى صوت سقوطها المدوي عن المنصة، هوت بالحبل ثم تخبطت واختنقت لعدة دقائق لم تتمكن حتى من الصراخ، واحتست أخيراً من نفس الكأس المُرة التي سقتها لمئات الأطفال الأبرياء وتجرعت مثلهم طعم الموت البطيء والصامت قبل أن تغادر روحها البليدة إلى الجحيم مباشرة .
تعليقات
إرسال تعليق